نشوى الحوفى الحوار المصرى الأمريكى.. نشوى الحوفى

- حافة الهاوية

شرفت بأن كنت ضمن وفد المشاركين فى الحوار المصرى الأمريكى الذى جرت وقائعه فى الفترة من 19-24 أكتوبر فى العاصمة الأمريكية واشنطن. وكان من بينهم وزير الخارجية الأسبق محمد العرابى، والسفير محمود كارم، ودكتور عماد جاد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية، ودكتور أندريا زكى نائب رئيس الطائفة الإنجيلية والمذيعة التليفزيونية ريهام السهلى. كان علينا جميعاً تمثيل مصر وشرح وجهة نظرها ونقد ما يفكرون فيه. وأدركت كالعادة منذ اللحظة الأولى أن الأمريكان يطبقون مقولة هنرى كيسنجر، التى ذكرها فى أعقاب حرب أكتوبر عام 1973، وتتلخص فى القول إن مصالح أمريكا تحتم الحفاظ على مصر على حافة الجرف، لا تدعها تنهار ولا تتركها تنهض! بمعنى أن مصالحهم تتحقق باستمرار وجودنا على حافة الانهيار دون هبوط أو صعود!

كانت أحاديث الوفد المصرى طيلة الوقت عما عانيناه طيلة السنوات الماضية من ازدواج الرؤية الأمريكية وفقاً لمصالحها فيما عرف باسم الربيع العربى ودعمها للإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسى فى المنطقة التى باتت كتلة من جحيم يعانى أهلها التشرد واللجوء والقتل وغياب الأمان وانهيار الاقتصاد بشكل جعل من الإرهاب وضعاً ممنهجاً استدعى تدخل الولايات المتحدة لعمل تحالف لمحاربته مع إصرارها على عدم تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، رغم اعتراف القرضاوى على سبيل المثال بانتماء أبوبكر البغدادى لتلك الجماعة. بينما تركيز الأمريكان ينصب فى أحاديثهم على واقعة القبض على صحفيى «الجزيرة» واتخاذها دليلاً لقمع الحريات وتكميم الأفواه، وأنهم بدفاعهم عن الإخوان لا يدافعون عن كيان ولكن يدافعون عن القيم الأمريكية للإنسانية! بالطبع عبرنا عن دهشتنا من ادعاء الأمريكيين امتلاكهم لتلك القيم، وهى قيم استقر عليها العالم بما فيه مصر طيلة سنوات عديدة. وقلت فى كلمة لى إنهم لا يمكنهم الحديث عن القيم بينما يشاهد العالم على شاشات القنوات مظاهر الوحشية الإنسانية فى بقاع عربية هدموها على رؤوس أصحابها فى العراق وسوريا واليمن وليبيا. وأنه لا يمكن لأحد أن يلوم الجيش المصرى لأنه قرر الحفاظ على البلاد من مصير ما حولها من دول. وأننا لم نر تلك القيم التى يدعى الأمريكيون امتلاكها فى سجن أبوغريب بالعراق، ولا مع سجناء جوانتنامو المحرومين منذ 13 سنة وحتى يومنا هذا من أبسط حقوق المتهم، وهى إعلان التهم ومحاكمته فى ظل وجود محام معه ولا يعلمون مصيرهم! ولم نرها فى حرق أكثر من 80 كنيسة مصرية والتعرض للمسيحيين فيها. وقلت إننا كمصريين وعرب صدقنا كلمات الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى جامعة القاهرة عام 2009 عن السلام والعدالة والمحبة بين الشعوب التى سيسعى لإقرارها، وصدقنا وعوده عن حل أزمة الشرق الأوسط وإقامة دولة فلسطينية. ولكن ما حدث أنه خلق لنا أزمات جديدة بتنا نسعى لحلها.. فعن أى قيم إنسانية تتحدثون؟ ولماذا تصرون دوماً على التعامل معنا بمنطق الأستاذ والتلميذ؟ أو الشرطى والمتهم؟ لسنا تلاميذ بين دول العالم بل دولة ذات حضارة وثقل ولكم مصالح فيها وحولها. ولسنا متهمين بارتكاب جرائم حتى ندافع عن أنفسنا. ربما تمتلكون القوة ولكننا نمتلك الحلم منذ آلاف السنين.

ولذا أقول لأهلى فى الوطن والمسئولين عنهما: لن يتغير الأمريكان ولن يغيروا نظريتهم فى التعامل معنا، فقط يغيرون الخطط وفقاً للظروف فهم يضعون استراتيجيتهم منذ سنوات مضت ويعرفون طريقهم. يجب علينا نحن أن نتغير فنضع رؤيتنا لسنوات مقبلة والخطط البديلة للتعامل مع الظروف والأحداث. يجب علينا وضع شعار «الموت عملاً» كقاعدة أساسية للتخلص من لعنة نظرية هنرى كيسنجر «حافة الهاوية». لن يمنحونا إلا ما يحفظ مصالحهم فعلينا أن نمنحهم درساً فى أصول النهوض بالأمم والدفاع عن أهلها. فهل من مستمع؟ وللحديث بقية.