تجلس وسط الحقول تتأمل حياتها التى تضيع من بين يديها رويداً رويداً، وهى التى كانت تأمل أن تدخل كلية الطب، أملاً فى أن تصبح طبيبة تفيد أهالى بلدتها «سمسطا» فى بنى سويف، ولكن الإهمال اغتال كل ذلك، فدرجات دعاء صلاح محمود فى الثانوية العامة لم تتجاوز 46%، رغم ما هو ما معروف عنها من أنها متفوقة. صدمة شعرت بها «دعاء» مع إعلان النتيجة العام الماضى قررت معها تقديم شكوى فاكتشفت أن ورق الإجابة الذى تم تصحيحه لا يخصها، لتبدأ رحلة عذاب يومى حاربت خلالها الفتاة الصعيدية الإهمال الحكومى دون جدوى.
الرجل الخمسينى الذى كان يحلم بمستقبل أفضل لابنته هاله ما حدث معها، لكن لا يعرف ماذا يفعل، ويقول: «القصة بدأت من 3 شهور لما شفنا نتيجة دعاء ولقيناها جايبة 46%، اتصدمنا وما صدقناش، لأنها طول عمرها متفوقة وكل سنة تجيب مجموع 95% من ابتدائى لحد الثانوية».
صدمة الأب دفعته إلى التقدم بطلب للكشف عن أوراق ابنته لمعرفة ما الذى حدث، ليفاجأ بأن الورق لا يخصها: «عملت مذكرة فى وزارة التربية والتعليم وتم تحويلها للشئون القانونية، وتم استجواب ابنتى وعمل اختبار خطوط لها فاكتشفوا بالفعل أن ورقة الإجابة ليست بخطها».
المفاجأة التى كانت بانتظار «صلاح» وابنته أن التحقيقات فى الشكوى التى قدمها تم حفظها: «لما رُحت أقابل المسئول اللى حقق مع بنتى وسألته إزاى تتحفظ ده مش قانونى، قال لى باللفظ أنا ما أقدرش أعمل حاجة، زملائى هياخدوا جزا بسبب الخطأ اللى حصل، وأنا ما أقدرش على كده».
يعجز «عم صلاح» عن الكلام، بينما تؤكد ابنته: «أنا كل اللى بطالب بيه خبير خطوط، حرام مستقبلى يضيع علشان فيه ورق متشابه، والمركز كله عارف عندنا إنه فيه بنت تانية اسمها دعاء صلاح محمود، والاختلاف فى الاسم الرباعى.. يا وزير التربية والتعليم فين عدلك ورحمتك؟».